ذكريات حديقتي الغنّاء- بحث عن مسرّات الحياة في زمن الجفاء.
المؤلف: مصطفى زقزوق08.27.2025

عندما أتذكر بستاني الفاتن، بأزهاره المتألقة التي تبعث البهجة، وأيامي الجميلة التي قضيتها فيه، وخوفي الدائم عليه من الجفاف وعبث الطيور بأوراقه الخضراء.. يتدفق الشوق إلى تلك الحقبة الزمنية الغابرة، حقبة قفزت بنا أمواج الحياة المتلاطمة بعيدًا، حتى أوشكت على الاصطدام بسنوات مليئة بالرماد، وبآمال عظيمة كانت تفوق حدود هذا العالم الفسيح.. وكيف دفعتني تلك الأيام إلى خوض معارك ضروس مع الدموع والتعب، سعيًا دؤوبًا للبحث مجددًا عن أفراح الحياة وبهجتها المفقودة.
كم قرأت عن تفاؤلات تبعث في النفس الأمل، وتأملات عميقة تستوقفني مليئة بمعاني الحب السامية، وما تختزنه الذاكرة عن دفء المشاعر وروعة الذكريات، فأنقلب إلى عوالم الكائنات الباسمة الضاحكة التي تجلس مستظلة بظلال الأغصان الوارفة، وأصغي باهتمام بالغ إلى أصداء ذلك السجع العذب الذي يترنم بموال شجي يقول:
ونفسك فاكرمها فإنك إن تهن
عليك فلم تلقَ لها الدهر مكرما
فيوقظ هذا الشعر الرائع في النفس الأحاسيس الدفينة المختبئة، ويلهب العواطف المأسورة الغافلة، فتنتفض وتتمايل طربًا على أنغام هذا اللحن الرقيق، ويوقظ لدَي الرغبة في مراجعة الأيام الخوالي المنسية لاستعادة لحظات الفرح الغامر في فترة الصبا، واستحضار صور المواقف الإنسانية النبيلة ما دامت القلوب تنبض بالحياة والعيون قادرة على رؤية معالم الماضي القريب، فنشعر به نقيًا فريدًا متميزًا بـ«الجمال والتواضع». واستعادة أيام إخلاصنا ووفائنا ونضوجنا الفكري وسلامة عقولنا وأجسامنا من شوائب تعكر صفونا وتمنعنا من معايشة لغة الصفاء المطلق وإشعاعه المتلألئ على مر العصور.. ولا تسأل عن روعة أيامنا تلك.
أما الآن، فإن السعادة الباهتة المستهلكة لا تزال تقبع في زوايا العمر المظلمة وتخاطبه، ونخاطب بدورنا زمانه الغائب بآثار الحاضر الذي نرفض فيه التصنع والرياء، ولا نعترف بغير الجفاء والغلظة، كسلوك مستحدث، وإصرار البعض على إنكار قيمة الأدب الحقيقي وجوهره، ومكاسبه العظيمة، وفرض أسلوب مغاير ليس له معنى عميق أو هدف نبيل، كأنما نخاطب به الراحلين عن عالمنا، أو نتوجه به إلى المعاصرين بغية إثبات التفوق في فهم الحياة، بينما نصمت نحن عن ذلك الإخفاق الذريع في الأدب، وبهذا الصمت نخلد في ذاكرة التاريخ.
أما الصادقون المخلصون فيعبّرون عن السعادة بصدق وتلقائية، دون أي مساومة أو بحث عن مكانة أو غنيمة، ولا يستغلون المشاعر النبيلة أو يهينونها.
وللأسف الشديد، فإن تعبيرات الجمال وبلاغة اللغة محاطة بالإعراض والاستخفاف من قبل أولئك الذين لا يمتلكون أدنى صلة بالإحسان وفعل الخير، ولا يقدرون قيمة الكلمة الطيبة وأثرها، ويمتطون صهوة الغرور والتكبر، ويتفردون بمن ينكر ضعفه وعجزه ويستولي على مكانة لا يستحقها، ليشهد على كذبه وتملقه بالكلام المرير الفارغ من كل معاني الاحترام. إن التمازج الإنساني يتفق في جوانب ويختلف في أخرى، ولكنه لا يجب أن يصل أبدًا إلى نقطة سوداء مليئة بالكراهية والحقد والضغينة.
كم قرأت عن تفاؤلات تبعث في النفس الأمل، وتأملات عميقة تستوقفني مليئة بمعاني الحب السامية، وما تختزنه الذاكرة عن دفء المشاعر وروعة الذكريات، فأنقلب إلى عوالم الكائنات الباسمة الضاحكة التي تجلس مستظلة بظلال الأغصان الوارفة، وأصغي باهتمام بالغ إلى أصداء ذلك السجع العذب الذي يترنم بموال شجي يقول:
ونفسك فاكرمها فإنك إن تهن
عليك فلم تلقَ لها الدهر مكرما
فيوقظ هذا الشعر الرائع في النفس الأحاسيس الدفينة المختبئة، ويلهب العواطف المأسورة الغافلة، فتنتفض وتتمايل طربًا على أنغام هذا اللحن الرقيق، ويوقظ لدَي الرغبة في مراجعة الأيام الخوالي المنسية لاستعادة لحظات الفرح الغامر في فترة الصبا، واستحضار صور المواقف الإنسانية النبيلة ما دامت القلوب تنبض بالحياة والعيون قادرة على رؤية معالم الماضي القريب، فنشعر به نقيًا فريدًا متميزًا بـ«الجمال والتواضع». واستعادة أيام إخلاصنا ووفائنا ونضوجنا الفكري وسلامة عقولنا وأجسامنا من شوائب تعكر صفونا وتمنعنا من معايشة لغة الصفاء المطلق وإشعاعه المتلألئ على مر العصور.. ولا تسأل عن روعة أيامنا تلك.
أما الآن، فإن السعادة الباهتة المستهلكة لا تزال تقبع في زوايا العمر المظلمة وتخاطبه، ونخاطب بدورنا زمانه الغائب بآثار الحاضر الذي نرفض فيه التصنع والرياء، ولا نعترف بغير الجفاء والغلظة، كسلوك مستحدث، وإصرار البعض على إنكار قيمة الأدب الحقيقي وجوهره، ومكاسبه العظيمة، وفرض أسلوب مغاير ليس له معنى عميق أو هدف نبيل، كأنما نخاطب به الراحلين عن عالمنا، أو نتوجه به إلى المعاصرين بغية إثبات التفوق في فهم الحياة، بينما نصمت نحن عن ذلك الإخفاق الذريع في الأدب، وبهذا الصمت نخلد في ذاكرة التاريخ.
أما الصادقون المخلصون فيعبّرون عن السعادة بصدق وتلقائية، دون أي مساومة أو بحث عن مكانة أو غنيمة، ولا يستغلون المشاعر النبيلة أو يهينونها.
وللأسف الشديد، فإن تعبيرات الجمال وبلاغة اللغة محاطة بالإعراض والاستخفاف من قبل أولئك الذين لا يمتلكون أدنى صلة بالإحسان وفعل الخير، ولا يقدرون قيمة الكلمة الطيبة وأثرها، ويمتطون صهوة الغرور والتكبر، ويتفردون بمن ينكر ضعفه وعجزه ويستولي على مكانة لا يستحقها، ليشهد على كذبه وتملقه بالكلام المرير الفارغ من كل معاني الاحترام. إن التمازج الإنساني يتفق في جوانب ويختلف في أخرى، ولكنه لا يجب أن يصل أبدًا إلى نقطة سوداء مليئة بالكراهية والحقد والضغينة.